مراجعة MacBook Air M4: روح Pro في جسد Air

لم أكن أتوقع يومًا أن أصف جهاز “الماك بوك إير” MacBook Air بأنه اقترب من الفئة الاحترافية، ولكن هذا ما فعلته أبل تحديدًا مع إصدار MacBook Air M4 الجديد. أبل، التي اعتدنا منها على تقديم أجهزة MacBook Air بخفة الأداء والسعر، قررت هذه المرة أن تخلط الأوراق، وقدمت لنا جهازًا يجمع بين الخفة والقوة، التصميم الأنيق والمواصفات القوية، بل والأجمل من ذلك… بسعر أقل من النسخة السابقة.
كأن أبل قالت: لن نُبقي للمنافسين شيئًا!
في هذا المقال، أشارككم مراجعتي وتجربتي الشخصية مع هذا الجهاز، مستعرضًا أبرز ما يميزه، لمن يُنصح به، وهل يستحق الترقية فعلًا.

تصميم مألوف… بلون يخطف الأنظار
من حيث الشكل الخارجي، لم يطرأ تغيير على تصميم الجهاز مقارنة بالنسخة السابقة، لكنه اكتسب لمسة جديدة ومتميزة تمثّلت في اللون الجديد “Sky Blue” أو الأزرق السماوي. هذا اللون المميز يعكس درجات مختلفة حسب الإضاءة، وكأن الفضي امتزج بلمسة زرقاء ناعمة، مما يجعله أنيقًا ورسميًا، وفي الوقت ذاته عصريًا ومختلفًا. من التفاصيل الجميلة التي تستحق الإشادة، توافق لون الكابل (MagSafe) مع لون الجهاز، إضافة إلى تحديث الشاحن إلى 35W بمنفذين USB-C بدلًا من 30 واط سابقًا. أما من حيث المنافذ، فلا تزال كما هي: منفذا Thunderbolt ومنفذ 3.5mmللصوت. وزن الجهاز لا يتعدى 1.5 كغم، بسُمك لا يتجاوز 0.5 إنش، مما يجعله خيارًا مثاليًا للتنقل، خاصة للطلاب أو من يسافرون باستمرار.
قوة داخلية… تغيّر قواعد اللعبة

المعالج الجديد M4: نقلة نوعية في الأداء
أبرز ما يميز هذا الإصدار هو بلا شك معالج Apple M4 الجديد. أداؤه فعليًا يُعد نقلة نوعية، ليس فقط على مستوى أجهزة MacBook Air، بل حتى مقارنة ببعض نسخ الـ MacBook Pro.
في تجربتي، استخدمت الجهاز لأعمال متنوعة؛ من التصفح وفتح عشرات التبويبات على سفاري وكروم، إلى استخدام برامج أوفيس وتطبيقات Apple المكتبية، وكلها تمت بسلاسة تامة. الأهم من ذلك، أنني اختبرت قدرته على المهام الاحترافية مثل تحرير الصور عبر Photoshop وLightroom، والمونتاج باستخدام Final Cut وDaVinci Resolve، وحتى التصميم ثلاثي الأبعاد باستخدام Blender، ففاجأني بمرونة الأداء وسرعته، دون تهنيج أو تباطؤ يذكر.
أبل ذكرت أن M4 أسرع مرتين من M1، وفي اختبارات الأداء “Benchmark”، تجاوز نتائج M1 Pro وM2 Max في بعض الجوانب، واقترب كثيرًا من M3 Max. وإذا كنت تملك جهازًا بمعالج Intel أو M1، فإن الترقية إلى M4 ستكون بلا شك خيارًا منطقيًا وملموسًا من حيث الفارق في الأداء.

ترقية الذاكرة… خطوة ذكية وفي محلها
من التحديثات المهمة التي قد تغيب عن البعض، أن أبل قامت برفع الحد الأدنى للذاكرة العشوائية في جميع نسخ MacBook Air M4، لتبدأ الآن من 16GB بدلًا من 8GB كما كان في الإصدارات السابقة. وهذه الخطوة تُعد نقلة نوعية ليس فقط على صعيد الأداء العام، بل أيضًا على مستوى تجربة الاستخدام اليومية، خاصة لمن يعتمد على فتح العديد من التطبيقات والنوافذ في آنٍ واحد، أو يعمل على مشاريع تتطلب موارد أكبر.
واللافت أن هذه الترقية جاءت دون أن ينعكس ذلك على السعر بالزيادة، بل على العكس، انخفض سعر الجهاز مقارنة بالإصدار السابق، ما يجعل هذه الخطوة أكثر ذكاءً وكرمًا من أبل. فأنت تحصل على أداء أعلى، وذاكرة أكبر، وسعة أفضل لإدارة المهام المتعددة، وكل ذلك بسعر أقل. وهذا يعزز مرة أخرى الفكرة الجوهرية لهذا الإصدار: أداء احترافي في قالب خفيف وبسعر معقول.
كاميرا جديدة… مأخوذة من فئة البرو
الكاميرا الأمامية شهدت تحسينًا ملحوظًا، حيث باتت بدقة 12 ميجابكسل، وتدعم تقنيتي Center Stage التي تتبعك أثناء التنقل، وDesk View المفيدة للشروحات والعروض. هذه الكاميرا هي ذاتها المستخدمة في أجهزة MacBook Pro، مما يؤكد أن أبل أرادت تقريب تجربة MacBook Air من الفئة الأعلى، وهو ما سيلمسه كل من يستخدم الجهاز في الاجتماعات المرئية أو العمل عن بعد.

حين لبس ثوب المحترفين … دعم الشاشات يتخطى التوقعات
يتوفر MacBook Air M4 بنفس أحجام ومواصفات الشاشة السابقة، فيأتي بخيار 13.6 انش و 15.6 انش من نوع ريتنا ليكويد ودعم مليار لون و سطوع 500 شمعة.
لكن من الإضافات المثيرة للإعجاب، دعم الجهاز الآن لتوصيل شاشتين خارجيتين بدقة 6K، إلى جانب شاشة الجهاز نفسها، مما يعني أنه يمكنك العمل على ثلاث شاشات متزامنة. هذه ميزة كانت حكرًا على أجهزة MacBook Pro، لكنها أصبحت الآن متاحة في جهاز MacBook Air، وهو ما سيفيد كثيرًا روّاد الأعمال أو المصممين الذين يحتاجون لمساحات عرض واسعة، دون التخلي عن خفة التنقل.
بطارية تدوم… وكفاءة لا تتغير
أبل تذكر أن الجهاز يصمد حتى 18 ساعة من تشغيل الفيديو، لكن في تجربتي، ومع استخدام مكثف شمل المونتاج والتصميم وتعدد المهام، حصلت على قرابة 9 ساعات من الاستخدام المتواصل، وهو رقم ممتاز. ومع المهام الخفيفة، مثل التصفح أو مشاهدة الفيديوهات، يمكن أن تصل المدة إلى 12 أو حتى 18 ساعة بكل راحة. واللافت أن الأداء لا يتغير سواء كنت تعمل على البطارية أو متصلًا بالشاحن، وهي ميزة نادرة في أغلب الأجهزة المحمولة.
بدون مراوح… بلا ضجيج ولا حرارة مزعجة
الميزة المفضلة لديّ شخصيًا في أجهزة MacBook Air أنها تعمل بدون مراوح، ما يعني عدم وجود أي صوت مزعج أثناء العمل، ومع ذلك، لم أعانِ من ارتفاع حرارة مزعج، حتى مع المهام الثقيلة. صحيح أن الضغط الشديد، خاصة في برامج التصميم ثلاثي الأبعاد أو الألعاب، قد يظهر أثره أحيانًا، لكن الجهاز بقي متماسكًا، وأداؤه مستقر إلى حد كبير.

تجربة ألعاب… لم تعد مستبعدة
مع دعم متزايد للألعاب على نظام macOS، مثل Cyberpunk وResident Evil، أصبح بإمكان مستخدمي الماك خوض تجارب لعب حقيقية. ومعالج M4 ساعد في جعل التجربة سلسة نسبيًا، رغم أن الأجهزة الاحترافية تظل الخيار الأمثل لعشاق الألعاب الثقيلة.
السعر: مفاجأة حقيقية
رغم كل هذه التحسينات، قررت أبل أن يكون سعر MacBook Air M4 أقل من سابقه، حيث يبدأ من 999 دولار، أو 899 دولار للطلاب، وفي السعودية يبدأ من 4300 ريال تقريبًا، مع إمكانية الحصول على خصم إضافي للطلاب من الموزعين المعتمدين. أقولها بوضوح: هذه صفقة رابحة.
لمن هذا الجهاز؟ وهل يستحق الترقية؟
إن كنت طالبًا، أو صاحب مشروع صغير، أو ممن يعتمدون على العمل المتنقل، فهذا الجهاز صنع لأجلك. إن كنت تملك جهازًا بمعالج M1 أو أقدم، فانتقل فورًا إلى M4 دون تردد. أما إن كنت تملك M2 أو M3، ففكّر جيدًا: إن لم تكن بحاجة إلى المزايا الجديدة، فقد يكون من الأفضل الانتظار للإصدار القادم.

كلمة أخيرة: Air… لكن Pro في الأداء
MacBook Air M4 يثبت لنا أن الفئة الخفيفة لا تعني بالضرورة أداءً محدودًا. لقد اقترب كثيرًا من عالم “MacBook Pro”، دون أن يتخلى عن وزنه الخفيف وسعره المتزن. أبل أعادت تعريف مفهوم أجهزة MacBook Air، وفتحت الباب أمام جمهور أكبر ليحظى بتجربة احترافية بسعر في المتناول.
إن كنت تفكر في دخول عالم الماك، أو ترغب بتحديث جهازك، فاعلم أن MacBook Air M4 هو اختيار ذكي… وقرار لن تندم عليه.