حين تقوم أبل بإطلاق أي تقنية – وإن سبقها آخرون إليها في السوق – فإنها تعمل بشكل احترافي جدًا على تقديمها بأكمل وجه ممكن, آخذة في الحسبان تجربة المستخدم وما يفيد المستخدم النهائي أكثر من أي شيء آخر.
هذه الصورة النمطية حول آبل لازالت سارية المفعول حتى يومنا الحاضر في جميع خطوط الإنتاج لديها ونقطة إضافية تحسب لصالحها دائمًا, لتكسب بذلك ثقة المستخدمين أولًا, والكعكة الأكبر من حصة السوق مباشرةً.
في سوق الحواسيب المكتبية, تتركز حصة قوة أبل في مسار الحواسيب المحمولة ماك بوك وماك بوك برو دائمًا, حيث تقدم تمامًا ما يحتاجه متوسط مستخدمي الحواسيب المحمولة ” لابتوب “ في الوقت الحاضر, شاشة جميلة الألوان, معالج عالِ الأداء وكذلك بطارية تصمد لمعظم اليوم.
من جهة أخرى تعاني الشركة كثيرًا في سوق الحواسيب المكتبية, فمعظم مبيعاتها تتركز على آيماك بشكل أخص, أما ماك برو وماك ميني فلا وجود لهما في هذه المنافسة. يكمن السبب وراء ذلك إلى كون معظم مستخدمي الحواسيب الشخصية المكتبية هم من محبي الألعاب والمخرجين والمنتجين وكذلك المطورين ومهووسي كسر السرعة, فلماذا لا يعيد هؤلاء المستخدمين النظر في حواسيب ماك الأخرى فيما عدا آيماك ؟
السر هو في أجهزة ماك نفسها, فلو كنت من متوسط مستخدمي الحاسب الشخصي, فلن يكون ماك ميني ضمن قائمة خياراتي ولا حتى قريبًا منهم, حيث أنه متواضع المواصفات مقارنة بالمنافسين, فنخرجه من المنافسة مباشرة لنعيد النظر في ماك برو الأسطواني الشكل والشاشة آيماك.
في السنة التي أطلقت آبل فيها ماك برو, كانت قد قدمته بمواصفاتٍ مبهرة مقارنة بمنافسيه, بل والأكثر من هذا كله هو أنه جاء بسعر أنسب وأرخص من جمع القطع الموجودة فيه وتركيبها في حاسوب شخصي بنظام ويندوز أو لينكس, كان ذلك سحرًا قامت به أبل حين قدمت الجهاز بسعر لا يتجاوز 18 ألف ريال سعودي, في حين كان شراء القطع الموجودة فيه على حدى يتجاوز هذا المبلغ بفارق طفيف, أمر لم نعتده أبدًا من آبل قبل ذلك. بعيدًا عن سحر السعر, لم يحقق ماك برو ما طمحت الشركة بالوصول إليه من مبيعات, أمر غريب أليس كذلك ؟!
الواقع يحكي غير ذلك, فقد أخفقت آبل بالتعرف على مستخدميها جيدًا, فمن سيدفع أكثر من 15 ألف ريال سعودي في حاسوب شخصي, يجدر به توقع الكثير من هذا الجهاز ليس فقط خلال أول سنتين أو ثلاث من اقتنائه, بل أكثر من ذلك بكثير أيضًا, وإليك أخي القارئ الأسباب التي جعلت ماك برو يفشل :
- إغفال جمهور المطورين واللاعبين, حيث أن نسبة كبيرة من مستخدمي الحاسوب الشخصي هم من محبي الألعاب, ولا يخفى على الجميع سرعة نمو وتطور منصات الألعاب, متطلبة بذلك دعم أكبر من الشركات المصنعة لعتاد وأنظمة الألعاب, الأمر الذي تجاهلته أبل بشكل بشع جدًا دون الإلتفات إليه نهائيًا, تاركةً الفرصة لمايكروسوفت وأسوس باستقطاب هذا السوق أكثر سنةً بعد سنة.
- محدودية نظام ماك “ mac OS ” الكبيرة في ما يخدم المطورين, فأجهزة أبل تقدم كل مالديها لمبدعي المحتوى والمخرجين, لكن إرث أبل في إغلاق كل المنافذ إلى التحكم بتجربة المستخدم قد أضافت الأمان بصدق إلى هذه المنصة, لكنها أبعدت المطورين كثيرًا.
حسنًا, قد تكون هذه صفعة من الماضي قد تعلمت منها أبل الكثير, يثبت ذلك عدد من التقارير التي سُربت من المؤتمر الأخير WWDC حول عمل الشركة على إطلاق إصدار جديد من كبسولي الشكل ماك برو نهاية هذا العام مع قابليات كبيرة للتعديل والتطوير كما كان في أوائل إصداراته السابقة, مضيفةً إلى ذلك علاقاتها الحديثة مع منصة ستيم للألعاب ودعم الواقع الإفتراضي والواقع المعزز في نظام ماك الجديد.
ليس من السيء أن تخطئ, لكن الأسوأ أن تعيد نفس الخطأ
يبدو أن آبل لم تفهم هذه الحكمة بشكل جيد, فبعد تجاوز أغلب الجمهور للخطأ الفادح الذي قامت به مع ماك برو, تعيد الشركة نفس الأمر مع سلسلة آيماك الجديدة وتحديدًا آيماك برو. لم تكتفِ الشركة بفشلها الأول لتضيف الآن حاسوبًا شخصيًا بكامل المواصفات الاحترافية التي قد لا تجدها الآن في أي من الحواسيب الشخصية المكتبية لكن في ( جهاز الكل في واحد ). ليس من المحبذ أدبيًا أن نعيد نفس النقاط مرة أخرى بالحرف الواحد, لكن هذا ما يحصل إلى جانب كون آيماك برو غير قابل حتى لزيادة سعة الذاكرة العشوائية!
هنا ينتهي بي القول بأن جهاز آيماك برو هو مجرد فخ, أهرب منه عزيزي المستخدم.