بقلم: فيشنو تيمني، نائب رئيس مجلس الإدارةوالمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وشرق أفريقيا في HP
الفجوة الرقمية في وقتنا الحالي لا تشمل الجميع على كلّ نطاق، فهي ليست مجرد ثغرة واحدة تحتاج إلى معالجة؛ بل مزيجاً من الشقوق والصدوع العديدة التي تتطلب توفير استجابة محلية ووضع استراتيجيات دقيقة. وينبغي أن تتجاوز الحلول مبدأ تحديد من يمتلك جهاز كمبيوتر ومن لا يمتلكه، حيث يجب إعطاء الأولوية للتعليم والرعاية الصحية، ولتمكين التكنولوجيا من توفير الفرص وتحسين نتائج التعلم لدى ملايين الأشخاص، وتلك هي مهمة الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص التي ينبغي البدء بالعمل عليها فوراً.
ولضمان تحقيق تقدم حقيقي خلال العقد القادم، يجب على قيادات الشركات إعطاء الأولوية للحلول المحلية التي تعالج هذا التحدّي متعدد الجوانب، والمساعدة في التوزيع العادل للعناصر العديدة ضمن منظومة العمل التكنولوجية المجزأة. فكيف نستطيع تحقيق ذلك؟
من وجهة نظري، هناك طريقتان للوصول إلى ذلك:
الشراكات بين القطاعين العام والخاص أمرٌ بالغ الأهمية، وخاصة في الأسواق الناشئة
في الوقت الحالي، هناك تفاوت كبير بين الأسواق المتطورة وبين الأسواق الناشئة. وفي الوقت الذي يتوجه تركيز الأسواق المتطورة نحو المساواة في نشر التكنولوجيا على السكان المتصلين فعلاً بالإنترنت، قد تواجه الأسواق الناشئة مشاكل أخرى مثل تمكين الاتصال بشبكات النطاق العريض، والبنية التحتية لتكنولوجيا الهاتف المحمول، وإمكانية توفير وصول غير مكلف بشبكة الإنترنت لشريحة أكبر من السكان.
ويكمن مفتاح تحقيق التقدم على هذا الصعيد في الشراكة؛ حيث يمكن للمؤسسات الخاصة تحفيز الابتكار وتقديم أفضل الأفكار إلى السوق، في حين تمتلك المؤسسات الحكومية الأدوات اللازمة لتحديد مجالات التركيز، والإمكانيات الخاصة المرتبطة بتمكين بنية تحتية رقمية أفضل، وكلا القطاعين مهم في تحقيق التحوّل الرقمي للمجتمع.
تنسيق الوصول إلى الأجهزة والاتصال في الأسواق المتطورة
ويصبح التساؤل الآن هو كيفية التعرف على الاختلالات المنهجية في العناصر المؤثرة على الشرائح المهمشة من السكان، والتي تحظى بقدرة واسعة على الوصول إلى التكنولوجيا بطريقة ما.
يُمكننا الانطلاق من مراجعة منظومتنا التعليمية، وزيادة إمكانيات الوصول إلى التكنولوجيا عالية الجودة والتدريب عليها. فعلى سبيل المثال، في بعض البلدان، قد لا يمثل الوصول إلى الأجهزة مشكلة كبيرة مثل الوصول إلى المحتوى الفعلي نفسه. ونحن بحاجة إلى أدوات ومنهجيات تشجع على الإبداع وتعزيز الحضور والتعاون، وهي كلها مكونات أساسية للمجتمعات والاقتصادات التي تعمل بشكل جيد. وعلى سبيل المثال أيضاً، أطلقنا في العام الماضي العديد من المبادرات مثل فصول التعليم المستقبلية و وساحة HP للابتكار و”برنامج HP للمدارس المتقدمة رقمياً“، وغير ذلك، حيث أدركنا الحاجة إلى دعم المجتمعات، وإعطاء المعلمين والطلاب أدوات النجاح في ساحة التعلّم المدمجة، وهي نموذج تعليمي يقول الخبراء إنه موجود ليستمر.
وتدعم HP هذا المنظومة التعليمية الجديدة وفصول المستقبل الدراسية بمبادرات مثل “أكاديمية HP للابتكار والتعليم الرقمي” (IDEA)، وهي برنامج شامل لتطوير المعلمين مدته عام واحد، تم تصميمه لتمكين المعلمين والطلاب من التنقل في عالم التعلم المدمج. ونعتقد أن المهارات التي توفرها التكنولوجيا لا تقل أهمية عن التكنولوجيا نفسها. لهذا السبب نحن ملتزمون بتحسين نتائج التعلم لأكثر من 100 مليون شخص بحلول عام 2025. وسيؤدي تفعيل الحلول الشاملة التي تركز على تعزيز التعليم متنوع الأماكن ونماذج العمل المبتكرة لتسهيل الحصول على نتائج تعليمية أفضل والمساعدة في سد الفجوة الرقمية.
كيف يؤدي تمكين الوصول إلى تحقيق النتائج؟
الثغرة الرقمية ليست مجرد لعبة انتظار، فنحن لا نعتقد بكونها مسألة وقت فقط قبل أن يتمكن الجميع من الوصول إلى الإنترنت. وإذا كنا قد تعلمنا من جائحة “كوفيد-19” شيئاً، فهو أن التكنولوجيا هي عامل للتمكين والمساواة في قدرة الوصول. وعلى الرغم من وجود نقص في المحتوى والخدمات المتوفرة باللغة العربية، أو وجود عدد كبير من الشركات الصغيرة التي لم تسجل حضورها الرقمي بعد، فقد بدأت الحكومات في المنطقة في معالجة هذه المشكلات للمساعدة في تقليل الثغرات الرقمية، عبر خلق المزيد من دواعي الاعتماد على التقنيات الرقمية والتفاعل معها على نطاق واسع.
ومن الأخبار الجيدة هنا، هو توجيه الشركات الخاصة للمساعدة في معالجة عدم تكافؤ الفرص في قدرات الوصول، وذلك بالتعاون مع الحكومات والأوساط الأكاديمية والعائلات وجميع الأطراف المعنية التي تعتبر الوصول إلى التكنولوجيا أمراً لا بد منه. ولا شك أيضاً أن هناك أولويات متضاربة، حيث إن الميزانيات المخصّصة تتناقص، لكن المساواة في الوصول إلى التقنيات الرقمية ستُعزز من ترابطنا وتعافينا بعد جائحة “كوفيد-19″، فقد أصبحت إطاراً لعملنا المستقبلي، ويمكننا البدء معاً بمعالجة هذه المشكلة من زوايا متعددة، وبناء مستقبل يسهم فيه الجميع بدوره أيضاً، انطلاقاً من دوافعنا الإنسانية ومصالحنا المستقبلية المشتركة.