الألعاب السحابية: متعة الألعاب المتطورة على الأجهزة البسيطة
لا تحتاج إلى كومبيوترات متطورة وتعمل على الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية
يزداد توجه العالم الرقمي نحو الحوسبة السحابية بشكل كبير، ذلك أنها تقدم خدمات مميزة بكلفة منخفضة على المستخدم، مع فتح أبواب لمزايا لم تكن ممكنة في السابق، وذلك بسبب التطور المستمر للمواصفات التقنية الخاصة بها، وتطوير لغات البرمجة بشكل يسمح تقديم خدمات إنترنت وبيئة افتراضية لكل مستخدم، مع ازدياد سرعة الإتصال بالإنترنت، وانتشار الأجهزة المحمولة.
- الحوسبة السحابية
وتُعرّف “الحوسبة السحابية” على أنها نقل عملية المعالجة من جهاز المستخدم إلى أجهزة خادمة عبر الإنترنت، ليستطيع المستخدم الوصول إليها من أي مكان وأي جهاز، ولتصبح البرامج مجرد خدمات، وليصبح كومبيوتر المستخدم مجرد واجهة أو نافذة رقمية. وغالبا ما تستخدم الأجهزة الخادمة تقنيات الأوساط الافتراضية Virtualization للسماح لعدة مستخدمين استخدام الخدمة ذاتها، وفي الوقت نفسه. وحصل هذا المصطلح على كلمة “السحابة” من الرسومات التقنية التي تعبر عن التفاعل مع الإنترنت (أو مجموعة كبيرة من الأجهزة المتصلة ببعضها بعضا) على شكل رسمة سحابة. وبالنسبة للمستخدم، فالخدمة تعني أنه لا يجب عليه الإكتراث بما يدور داخل تلك “السحابة”، حيث إنها مسؤولة بطريقة ما عن تقديم ما يريده بشكل كامل.
ومن مزايا الحوسبة السحابية أنه يمكن من خلالها بيع الخدمات أو تأجرها للمستخدمين بشكل مرن (بالدقائق أو الساعات أو الأيام، أو غير ذلك، وفق الاتفاق بين المستخدم والشركة المزودة لهذه الخدمات)، وأن الشركة المزودة للخدمة هي المسؤولة عن صيانة الأجهزة وتطويرها وتحديث التعريفات والبرامج اللازمة لعملها، بالإضافة إلى توفير مستويات أمن متطورة تحمي المستخدم من القراصنة والفيروسات والبرامج الضارة.
- الألعاب السحابية
ولعل الكثير من المستخدمين قد جربوا بعض الخدمات السحابية، مثل خدمات تخزين الملفات، والعمل المشترك على الوثائق وجداول الحسابات، ومواقع عروض الفيديو، وغيرها. ولكن هناك فئة مميزة من الخدمات متخصصة في الترفيه، هي الألعاب السحابية Cloud Gaming. هذه الألعاب ليست الألعاب البسيطة الموجودة في العديد من المواقع أو الشبكات الإجتماعية، ولكنها ألعاب متطورة تتطلب مواصفات متقدمة جدا لتعمل، ومساحات تخزينية كبيرة كذلك، وهي الألعاب نفسها التي يمكن تثبيتها على كومبيوتر المستخدم.
ويكمن الفرق في أن المستخدم ليس بحاجة إلى تجهيز كومبيوتر بمواصفات متقدمة لتشغيل تلك الألعاب، مثل بطاقات الرسومات عالية الأداء، أو حجم ذاكرة كبير جدا، أو حتى معالجات متفوقة، حيث يحتاج إلى جهاز متصل بالإنترنت (مثل الكومبيوتر المكتبي، أو المحمول، أو الهواتف الجوالة، أو مشغلات الموسيقى والوسائط المتعددة) ومتصفح للإستمتاع بتلك الألعاب. السر هنا هو أن الشركة المقدمة لخدمات الألعاب السحابية تستخدم أعدادا ضخمة من الأجهزة الخادمة عالية الأداء، وتقوم بتثبيت الألعاب عليها بشكل كامل، وتعمل تلك الأجهزة الخادمة بمعالجات متقدمة جدا متوافقة مع المعالجات المطلوبة للعب بتلك الألعاب الإلكترونية.
وبمجرد أن يتصل المستخدم بتلك الأجهزة الخادمة (من خلال اشتراكات مختلفة مع الشركة المزودة للخدمة)، سيعرض متصفحه اللعبة ويسمح له التفاعل معها. وتدور جميع العمليات الحسابية الخاصة باللعبة على الأجهزة الخادمة السحابية، بينما يكون دور كومبيوتر المستخدم هو عرض الصورة على شكل فيديو تفاعلي يسمح للمستخدم الضغط على الأزرار أو أداة التحكم لإرسال الأوامر إلى الأجهزة الخادمة عبر الإنترنت، لتعالجها تلك الأجهزة وتعكس نتيجتها على عالم اللعبة، وتعرض الأثر أمام المستخدم.
وكما ذكر، فإن الشرط الرئيسي هو وجود اتصال سريع بالإنترنت لضمان أن السرعة اللازمة لإستقبال أوامر اللاعبين وإرسالها عبر الإنترنت وتحليلها وعرض أثرها أمام المستخدم ستكون لحظية ولن يشعر المستخدم بها، وذلك لجعل تجربة اللعبة ممتعة وغير متقطعة، وإلا أصبحت اللعبة مملة.
ومن الناحية التقنية، فلا تميز الأجهزة الخادمة بين خدمات الأعمال والألعاب، وتقع مسؤولية تحديد ذلك على عاتق البرمجيات وشدة تطورها من حيث توفير الموارد الكافية لجميع المستخدمين، ومن دون أن يشعروا بذلك. وفي النهاية، فإن خدمات الأعمال والألعاب الإلكترونية هي عبارة عن أوامر يجب معالجتها بطريقة ما.
ومن بعض الألعاب المتوفرة اليوم في خدمات الألعاب السحابية WRC 3: FIA World Rally Championship وNBA 2K12 وAssassin’s Creed وBorderlands وDirt 3 وLego Pirates of the Caribbean وSuper Street Fighter IV Arcade Edition، وغيرها من الألعاب الأخرى الممتعة.
- فوائد وتحديات
ومن الفوائد الناجمة عن توفير خدمات الألعاب السحابة: القدرة على الإستمتاع بالألعاب المتطورة على أجهزة بسيطة مقارنة بالمواصفات المطلوبة، أو حتى اجهزة لم تصنع الألعاب لتعمل عليها في الأساس، مثل الهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية والتلفزيونات الذكية ومشغلات الوسائط المتعددة المحمولة، ونظم التشغيل المختلفة. ويستطيع المستخدم الدخول إلى موقع الخدمة من هاتفه الجوال، مثلا، وتجربة الألعاب المتقدمة التي لم تطرح على جهازه أو نظام تشغيل ذلك الهاتف.
ومن الفوائد الأخرى عدم حاجة المستخدم إلى تحميل تحديثات الألعاب والبحث عن التعاريف اللازمة لعملها بشكل صحيح، بالإضافة إلى توفير المساحة التخزينية على القرص الصلب في حال الرغبة بإستخدام مجموعة كبيرة من الألعاب، والقدرة على اللعب باللعبة نفسها من أي جهاز في العالم وإكمال اللعب من النقطة التي توقف عندها اللاعب، ذلك أن اللعبة موجودة في الأجهزة الخادمة، وليس على جهاز المستخدم. وبالإضافة إلى ذلك، يستطيع المستخدمون توفير المال بسبب عدم الحاجة لشراء اللعبة كاملة، بل الدفع لقاء فترة محددة للعب أو اشتراك شهري في الخدمة، وتوفير الوقت من حيث الزمن اللازم لتثبيت كل لعبة على جهازه مقارنة باللعب الفوري فور اخيتارها من قائمة الألعاب، وحماية الكومبيوتر من الفيروسات والأثر السلبي على الأداء جراء استخدام برامج مكافحة الفيروسات على الكومبيوتر الشخصي أثناء تشغيل اللعبة على جهازه.
ومن التحديات الرئيسية التي واجهتها الشركات المزودة للألعاب السحابية: عدم توفر الأزرار اللازمة للعب على جميع أجهزة المستخدمين، مثل طلب اللعب بلعبة على الهاتف الجوال صنعت خصيصا للكومبيوتر الشخصي. وتجاوزت الشركات هذه العقبة بتوفير أزرار رقمية تُعرض على شاشة المستخدم تحاكي عمل أزرار لوحة المفاتيح. وليست سرعة الإتصال بالإنترنت هي العامل المحدد للقدرة على اللعب بهذا النوع من الخدمات، إذ يجب توفر زمن انتقال للمعلومات Latency منخفض قدر الإمكان. ويعتمد هذا الأمر على مزود خدمة الإتصال بالإنترنت لدى المستخدم، وموقع المستخدم الجغرافي بالنسبة للأجهزة الخادمة، حيث سيزداد زمن انتقال المعلومات بين كومبيوتر المستخدم والأجهزة الخادمة للشركة كلما بعدت المسافة بينهما. ويكمن الحل هنا بتوفير شركات الألعاب السحابية لمراكز بيانات سحابية في العديد من دول العالم.
- شركات مزودة للألعاب السحابية
ومن الشركات التي تقود عالم خدمات الألعاب السحابة “غاي كاي” GaiKai و”أونلايف” OnLive. وتقدم “غاي كاي” التي تأسست في العام 2008 أكثر من 200 لعبة لأكثر من 50 مليون لاعب في الشهر. وعقدت الشركة اتفاقيات مع شركات عديدة لتطوير خدماتها، مثل “إنتل” Intel و”يوتوب” YouTube و”إلكتروتيك آرتس” Electronic Arts و”كابكوم” Capcom و”أوبي سوفت” Ubisoft و”إنفيديا” nVidia، وغيرها من الشركات العالمية الأخرى. واستثمرت “إنتل كابيتال” Intel Capital، وغيرها من الشركات الإستثمارية الأخرى، في “غاي كاي”، واشترتها شركة “سوني” مؤخرا في 2 يوليو (تموز) 2012.
وتتطلب خدمة “أونلايف” التي تأسست في العام 2003 اتصالا بالإنترنت سرعته الدنيا هي 2 ميغابت في الثانية (حوالي 256 كيلوبايت في الثانية) ولكن ينصح بإستخدام اتصال بالإنترنت بسرعة 5 ميغابت في الثانية (حوالي 640 كيلوبايت في الثانية)، وأن يكون المستخدم في نطاق 1600 كيلومتر من مراكز بياناتها (في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وبلجيكا قريبا)، وذلك للحصول على أفضل تجربة ممكنة. وهناك العديد من الشركات الأخرى التي تقدم خدمات الألعاب السحابية، مثل G-Cluster وG Cloud وItsMy وBig Fish Unlimited وLG-U+ وC-Games وCoreOnline وCiiNow.
بعض مواقع الشركات المزودة للألعاب السحابية